بتقديرات معروفة سلفا، دخلت الجالية المغربية والمسلمة في فرنسا غمار الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية مقدمة أصواتها للمرشح إيمانويل ماكرون، وذلك لقطع الطريق أمام مارين لوبين، اليمينية المنتشية ببلوغها المراحل النهائية من هذه الاستحقاقات.
وأظهرت استطلاعات الرأي التي رافقت مناظرة ماكرون ولوبين الأخيرة، تفوق الرئيس الفرنسي الحالي إلى حد كبير في مقاربة كيفية نجاح فرنسا العلمانية في إدماج المهاجرين من خلال احترام توجهاتهم الدينية والعقائدية.
وتزامنت الانتخابات الرئاسية الفرنسية هذه السنة مع سياق إقليمي ودولي ضبابي ومعقد فرض أجندته على الحملات والبرنامج الانتخابية للمرشحين؛ وآلت نتائجها النهائية لصالح ماكرون بما يفوق 58% من الأصوات المعبر عنها في الجولة الثانية.
الهجرة والحجاب
وفق الباحث في الشأن الدولي إلياس الموساوي، فإن المعطى الفجائي الذي طرأ على الساحة الأوكرانية صب في صالح تقوية حظوظ مرشح “الجمهورية إلى الأمام”، الذي يتمسك بأوروبا موحدة وقوية قادرة على مجابهة الأخطار الخارجية والدفاع على نفسها عسكريا واقتصاديا.
ووفق الباحث في العلاقات الدولية فإن المواطن الفرنسي لا يبتغي في هذه اللحظة تغييرا جذريا في سياسة بلاده الخارجية، سواء في نظرته إلى التكتل الأوروبي أو إلى طريقة تدبير فرنسا للحرب الروسية الأوكرانية.
وكانت المناظرة الأخيرة التي جمعت بين ماري لوبين وإيمانويل ماكرون، فرصة للطرفين للتعبير عن آرائهما في الحرب الروسية التي تتسم بكثير من الحساسية.
وقال الموساوي، إن التقارب الذي تصبو إليه مرشحة اليمين المتطرف مع موسكو ورفضها خيار العقوبات ودعوتها إلى تغليب النهج الدبلوماسي المرن مع بوتين، “لا ينال دعم كثير من الفرنسيين والإعلام المحلي والغربي، نظرا للصورة التي رسمها الإعلام الغربي عن روسيا وقيصرها بوتين”.
وأضاف أنه على المستوى الداخلي، “كان واضحا أيضا تخبط لوبين في طريقة تطرقها للمواضيع الحارقة التي تهم المواطن الفرنسي والمجنسين الحاملين للجنسية الفرنسية، على عكس ماكرون الذي ظهر متماسكا وملمًّا بالأرقام”.
وشدد على أن هذه المعطيات المتعلقة بملف الهجرة والحجاب، صبت في خانة تقوية حظوظ الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون.
وزاد المحلل السياسي ذاته بأن “تدبير هذه الملفات يحظى باهتمام مسلمي ومغاربة فرنسا؛ فاستطلاعات الرأي كشفت بأن هذه الكتلة الناخبة المهمة لا تغامر بإعطاء صوتها لماري لوبين التي تهدد تماسك الأمة الفرنسية”.
وختم الموساوي تصريحه بالإشارة إلى أن “قوة اليمين المتطرف تتعاظم يوما بعد يوم، لكن القيم والمبادئ التي تؤطر الجمهورية الفرنسية الخامسة لا تسمح بسهولة لمرشحة اليمين المتطرف بالظفر بمفاتيح الإليزيه”.
شروط تفاوضية
قال اسماعيل حمودي، أستاذ في الكلية متعددة التخصصات بتازة، إن الكتلة الناخبة المغربية والمسلمة في فرنسا “قادرة على وضع شروط تفاوضية مع الرئيس إيمانويل ماكرون من أجل ضمان الحرية الدينية وصون قيم الإسلام”.
وأضاف حمودي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه “واضح تصويت مغاربة فرنسا والعرب والمسلمين لصالح إيمانويل ماكرون في الدور الثاني، وذلك بغرض قطع الطريق أمام وصول مارين لوبين إلى قصر الإليزيه”.
وشدد أيضا على أن “إيمانويل ماكرون كان يستغل ورقة المسلمين في الخطاب الانتخابي لتسجيل بعض الأهداف وطمأنة الداخل والخارج”، معتبرا أن “المسلمين يستطيعون فرض شروط معاملتهم كمواطنين فرنسيين وليس كمواطنين من درجة ثانية”.
عبد السلام الشامخ
المصدر: هسبريس