تصدّر المغاربة عدد طلبات الجنسية الإسبانية بجزر البليار، متقدّمين في ذلك على مواطني بلدان أخرى مثل كولومبيا والأرجنتين والإكوادور، بحيث بلغ عدد المغاربة الذين تقدموا بطلب التجنيس بهذه الجزر الإسبانية 1597، موزّعين على 897 ذكراً و700 أنثى؛ بينما بلغ عدد الكولومبيين 485، وعدد الأرجنتينيين 362، والإكوادوريين 380، فيما وجه نحو 129 طلبا من باكستانيين و8 فقط من صينيين.
وحسب ما نقلته صحيفة “أولتيما هورا” الإسبانية، عن المعهد الوطني للإحصاء (INE)، فإنه من حيث الفئات العمرية المرتبطة بالمتقدمين توجد الفئة بين 0 و9 سنوات في الصدارة بعدد طلبات بلغ 1570، تليها فئة من تتراوح أعمارهم بين 30 و39 عاما، بـ1004 طلبات، ثم 800 بالنسبة للفئة العمرية المتراوحة بين 10 و19 سنة.
وضمن تفسيراته لهذا الارتفاع في صفوف طالبي الجنسية المغاربة تحديدا، قال محمد ظهيري، الأستاذ بجامعة كومبلوتينسي بمدريد بإسبانيا، في تصريح لهسبريس، إن “المغاربة الذين اختاروا جزر البليار كانوا تاريخيا مدفوعين بالأساس بعوامل اقتصادية خالصة، منها أن هذه المناطق تتضمن فرصا مهمة في التشغيل”، مسجلاً أن “الهجرة المغربية نحو إسبانيا كانت مركزة ابتداءً أساساً في دائرة البحر الأبيض المتوسط”.
بالتّحديد، أوضح ظهيري أن “المناطق التي كانت تسجّل استقبال أكبر عدد من المهاجرين المغاربة هي مالقا وألميريا، ومدن جهة كاتالونيا وإقليم الباسك، إضافة إلى مدريد، باعتبارها عاصمة إسبانيا، وكذلك جزر البليار”، مبرزا أن “تسجيل المغاربة أعلى نسبة في الطلبات مسألة طبيعية، لكون الهجرة الأولى بدأت منذ أواخر الثمانينيات وخلال بداية وأواسط التسعينيات من القرن الماضي، وأكبر دفعة للهجرة بدأت مع مطلع الألفية”.
وأبرز الجامعي المغربي الباحث في شؤون الهجرة والدراسات العربية والإسلامية أن “المغاربة الذين عاشوا في إسبانيا أو في هذه الجزر، لأكثر من عشر سنوات دون انقطاع، وأظهروا أنهم يستوفون الشّروط التي ينص عليها قانون التجنيس الإسباني، يحصلون على الجنسية الإسبانية بعد دراسة ملفاتهم”، مسجلا أن “الجالية المغربيّة، على خلاف باقي الجاليات، تبقى دائما تشكل استثناء في ارتباطها الدائم بالبلد الأصل، كما تجمع على ذلك أغلب الدراسات والأبحاث”، وزاد: “غير أن هذا الارتباط يبقى رهينا بمدى عمل المغرب من خلال مؤسّساته الوصية على قطاع مغاربة الخارج على تعميق العلاقة بهذه الجالية”.
من جانبه قال عبد الرحمن فاتيحي، مدير قسم الدراسات الإسبانية في جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، إن “المغاربة المقيمين بإسبانيا يسجلون دائما نسبا متقدمة في طلبات الهجرة بالأراضي الإيبيرية، وذلك لأسباب اقتصادية وتاريخية متواصلة، وبفعل دفعات متوالية من الهجرة”، معتبرا أن “هذه الجالية تزيد الإشعاع الخاص بالمغرب، وتخدم البلد انطلاقا من الجنسية الجديدة، خصوصا أن أفرادها يحافظون على الجنسية المغربية، أي الهوية الأصل، ويعتبرونها دائماً في المقدمة”.
ولفت فاتيحي، ضمن تصريحه لهسبريس، إلى أن “هؤلاء الذين طلبوا الجنسية هم بالضرورة مغاربة ويُعتَبرون جالية مغربية، وقد بينت التجربة دائماً أنهم يحرصون على الدوام أن تكون لأبنائهم بطاقة التعريف الوطنية المغربية، باعتبارها الشكل الأول للانتماء”، موضحاً أن “هذا التنوع حول العالم الذي يخلقه المغاربة يعطي للهوية المغربية دفقة جديدة دائما، ويجعلها متجددة وحية ومتعددة الروافد والأبعاد؛ وعملية التجنيس تمثل صورة لذلك”.
وذكر المتحدث ذاته أن “المغربي يبقى مغربيّا، وطلب الجنسيّة يمكن أن يضاعف حظوظ مغاربة إسبانيا لكي يكونوا فاعلين في مصلحة بلدهم من داخل بلدان الإقامة”، مضيفاً أن “الإسبان يعتبرُونَهم دائماً مغاربة، ليس بسبب العنصرية، وإنما لارتباطهم بهويتهم داخل بنية المجتمع الإسباني وتمكنهم من الاندماج الثقافي والاقتصادي، مع خلق تمايز ينتصر دائما للهوية المغربية، ويشكل عنصراً لاستمرار ‘تمغربيت’ وحركيتها”.
علي بنهرار – هسبريس