أُعطيت مساء الاثنين إشارة انطلاق أسبوع حافل بالأنشطة الثقافية والفنية في مقر مؤسسة “دار المغرب” بالمدينة الجامعية الدولية في باريس، احتفالا بالذكرى السبعين لتأسيس هذه المؤسسة.
وتميز إطلاق هذه التظاهرة، التي ستتواصل إلى غاية العاشر من ديسمبر الجاري، بحضور جمهور غفير من الدبلوماسيين والأكاديميين والفاعلين الجمعويين الفرنسيين – المغاربة من “إيل دو فرانس”، فضلا عن الطلبة المقيمين بدار المغرب.
وبهذه المناسبة أكد الباحث الجامعي وعضو المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية إدريس خروز، مندوب هذا الأسبوع الثقافي، على أهمية ورمزية هذا الحدث الذي يحتفي بغنى وتنوع الثقافة المغربية، من خلال “مؤسسة مهمة ساهمت بشكل كبير في الإشعاع الدولي للمغرب، ومرت عبرها شخصيات كبيرة في الحياة السياسية والثقافية والفنية الوطنية”.
دار المغرب مؤسسة مهمة ساهمت في الإشعاع الدولي للمغرب وصنعت شخصيات كبيرة في الحياة السياسية والثقافية والفنية
وأضاف المدير السابق للمكتبة الوطنية للمملكة المغربية أن “دار المغرب قامت، من خلال مهامها وهندستها المعمارية المغربية النموذجية، برفع ثقافة العيش معا والتسامح عاليا”، مسجلا أنه “منذ إحداث هذه المؤسسة، التي تم اختيارها كضيف خاص من بين 44 دارا المكونة للمدينة الجامعية الدولية في باريس، خلال الاحتفال بالذكرى التسعين لتأسيس المدينة الجامعية في العام 2015، استطاعت تكريس مكانتها كفضاء للتواصل والتبادل واللقاءات والمناقشات”.
كما سلط خروز الضوء على أهمية الثقافة باعتبارها أداة إشعاع بالنسبة إلى المغرب ومساهمتها في التقريب بين الشعوب والثقافات.
من جانبه أكد نائب رئيس البعثة بسفارة المغرب في باريس، والمدير بالنيابة لدار المغرب، سعد بندورو أن مختلف الأنشطة المنظمة هذا الأسبوع تعكس تراثا ثقافيا غنيا ومتنوعا للغاية.
وشدد بندورو على أهمية الحفاظ على هذا التراث من أجل تطويره، وهو ما ستتم مناقشته في إحدى الموائد المستديرة المخصصة للتحولات التي يشهدها المغرب، والتي ستسلط الضوء على الميناء الضخم لطنجة المتوسط “عملاق البحر الأبيض المتوسط ورافعة للتنمية الاقتصادية بالمغرب”، وعلى “مشروع الرباط الكبير، نموذج لحاضرة حديثة”.
وتميز حفل إطلاق الأسبوع الثقافي بعرض شريط فيديو يستعرض تاريخ مؤسسة دار المغرب وخصوصياتها، فضلا عن تقديم جوائز رمزية إلى عدد من الأشخاص، لاسيما أولئك الذين ساهموا في تنظيم هذا الحدث. واختتم الافتتاح بحفل لموسيقى الجاز وكناوة مع سعيد مسناوي.
ويتضمن برنامج الأسبوع الثقافي معارض تصوير فوتوغرافي، وحلقات موسيقية، ومعارض فنية ولمنتجات محلية، وأمسية موسيقية أندلسية، وعروضا سينمائية، وموائد مستديرة حول الأدب والذكاء الاصطناعي والمسرح وفن الخط والسينما، مع تكريم للراحل نورالدين الصايل.
وتأسست دار المغرب في المدينة الجامعية الدولية بباريس يوم السابع من يوليو 1949 من قبل الدولة المغربية. وفتحت الدار أبوابها لأول مرة في أكتوبر 1953، لاستقبال الطلاب والباحثين المغاربة داخل المدينة الجامعية.
حفل إطلاق الأسبوع الثقافي تميز بعرض شريط فيديو يستعرض تاريخ مؤسسة دار المغرب وخصوصياتها، فضلا عن تقديم جوائز رمزية إلى عدد من الأشخاص
وصارت الدار مع تعاقب السنوات مقرا لأجيال متلاحقة من الأنتليجانسيا المغربية المشبعة بالروح الوطنية والتي أفادت المغرب في استقلاله ونهضته الشاملة التي مازال يرسخ معالمها، إذ استقطبت الدار أبرز من تحولوا لاحقا إلى رموز ثقافية وقادة للتغيير الذي يشهده المغرب.
ومنذ تأسيسها واصلت المؤسسةُ “المساهمةَ بطرق مختلفة في بروز وتشكيل النخب المغربية وإشعاع الثقافة المغربية لدى المجتمع الجامعي الدولي الحاضر في المدينة الجامعية الدولية بباريس وكذلك في بيئتها الباريسية”.
وتضم مؤسسة دار المغرب اليوم 229 غرفة، ومطابخ جماعية، وقاعة متعددة الأغراض مجهزة لاستضافة مختلف الفعاليات الثقافية والفنية وتتسع لـ200 شخص، ومكتبة، وقاعة عرض، وصالة مغربية، علاوة على تجهيزات أخرى.
بعد وفاة ملك المغرب الحسن الثاني في 1999 أوصدت دار المغرب أبوابها لمدة سبع سنوات. وعندما أعادت فتحها في 2008 جاءت بحلة جديدة تميل إلى ما هو ثقافي في محاولة لاستغلال الثقافة والفنون كقوة ناعمة والترويج للثقافات المتنوعة والثرية التي يزخر بها المغرب.
وها هي الدار تحتفل اليوم بعد عقود من تأسيسها مرت خلالها أجيال متعاقبة ساهمت بشكل لافت في ترسيخ التنوير والدفع بعجلة النهضة التي تشهدها البلاد.
المصدر: موقع العرب