in

الجالية المغربية في ليبيا بين نار الفيضانات و نار زلزال الحوز

بعدما كان الهم الأكبر مرتبطا ببلدهم الأم بعد “زلزال الحوز”، الذي ردم دواوير تحت التراب وخرّب العديد من المناطق قام العديد من مغاربة ليبيا بجمع أكياس للدم لتوجيهها إلى المغرب، اد وجد هؤلاء أنفسهم أمام محنة جديدة ببلد الإقامة على هامش الإعصار “دانيال” الذي ضرب مدن الشرق الليبي مخلفا آلاف القتلى والمفقودين وخسائر مادية فادحة.

صور صادمة تبين تأثر شرق ليبيا بالفيضانات وتحويل مدن إلى “مناطق منكوبة”، بعد أن غرقت بأكملها تحت المياه والوحل. ويبدو أن هذا “الوضع المأساوي” الذي تبينه الصور والأنباء ساهم في “تكريس الذهول بالنسبة للمغاربة هناك وتنمية مشاعر الصدمة والأسى والإحباط لديهم”، بعد أن كانت حالتهم النفسية أصلا متأثرة بالحداد الوطني الذي أعلن عنه المغرب.

محمد جغلاف، مغربي مقيم بليبيا، قال إن “الجراح الخاصة بالوطن الأم المغرب وما يعيشه من حداد وطني لم تندمل بعد حتى جاء هذا الإعصار الذي ضرب شرق ليبيا ليعمق هذه الجراح”، مؤكدا أن “الهم كبير لدى الجالية المغربية هنا، حيث إن العديد من المغاربة يتخوفون بخصوص وضع عائلاتهم بعد الزلزال وصعوبة الوضع الذي يعيشه الشعب المغربي”.

وأضاف جغلاف، ضمن شهادة يتقاسمها مع اط الجريدة الالكترونيه هسبريس، أن “الخريطة النفسية لدى العديد من المغاربة في ليبيا ممزقة الآن، خصوصا أن هناك المئات من المغاربة يقطنون في المناطق الليبية المتضررة من الإعصار والفيضانات”، معتبرا أن “حتى الوضع السياسي يكرس هذا الوضع القاسي نظرا لغياب التمثيل القنصلي حاليا؛ وهو ما يجعل معيشة المغاربة مطبوعة بالكثير من التشتت”.

وسجل المغربي المقيم بمدينة الزاوية، التي تبعد بحوالي 40 كيلومترا غرب العاصمة طرابلس، أن “المغاربة الموجودين في كل بقاع العالم قلوبهم وعقولهم مع المغرب في الوقت الحالي؛ لكن الذين يقطنون بليبيا وضعهم مركب بنحو مضاعف، لكونهم بين فاجعتين: فاجعة ببلد الانتماء، وأخرى بالبلد الذي يمنح نسبة من الانتماء”، مبرزا: “مغاربة ليبيا يعيشون وضعا مأساويا لا يترك فرصة للهناء بأن يصل إلى الذهن الذي يفكر ويتابع باستمرار الأنباء حول الفاجعتين هنا وهناك”.

وأوضح أن “مغاربة ليبيا لم يدخروا جهدا في التجند لمساعدة بلدهم في هذه الفترة الصعبة التي يمر بها البلد”، لافتا إلى أن “الجميع يتواصل مع أصدقائه وأحبابه بالمغرب بشكل دوري لمعرفة الوضع وتطوراته؛ لكن هناك مهمة إنسانية أخرى تنضاف إلى أولويات هذه الجالية، وهي المحنة التي يمر منها إخواننا الليبيون، الذين كانوا دائما يعبرون عن حس كبير من حسن الضيافة والعيش المشترك”.

من جانبه، وصف المكي الخريصي، وهو مغربي مقيم أيضا بليبيا، وضع الجالية المغربية بالبلد المغاربي بأنها “بين نارين”، إذ قال: “مصاب جلل حل بليبيا بسبب هذا الإعصار والوضع ليس عاديا؛ فهناك حالة من الاستنفار من طرف جميع الهيئات بالبلاد”، مضيفا أن “الجالية المغربية نظمت حملات للتبرع بالدم للتوجه إلى المغرب كمساهمة مواطناتية وتضامنية مع أهلنا، واليوم سنتعبأ للقيام بالمهمة الإنسانية نفسها هنا بليبيا”.

واضاف الخريصي، أن “المغاربة بليبيا في حالة وجدانية حرجة حاليا، وما يمنحهم الكثير من الاعتزاز هو اللحمة الوطنية التي كشف عنها المغاربة للعالم مجددا؛ فاليوم ازداد شعورنا بالفخر بكوننا مغاربة”، مشيرا إلى أن “الرسائل التي تصلنا من المغرب تخفف من وطأة هذا التصدع النفسي والعاطفي الذي يعيشه المغاربة المقيمون بليبيا خصوصا، لكونهم يشهدون على حادثتين طبيعيتين عنيفتين لا راد لهما”.

وأفاد المتحدث ذاته بأن “المغاربة يحملون معهم قيمهم أينما حلوا وارتحلوا. ولذلك مشاعر رد الجميل لليبيين، الذين قدموا لنا دائما الدعم واحتضنونا بينهم، متأصلة في مجمل المغاربة الموجودين هنا”، مردفا أن “المرارة هي التي يذوقها المغاربة بكل أصنافهم، والأمر أبلغ وأقسى وأفظع بالنسبة لمغاربة ليبيا الذين سيتجندون للمساعدة على الرغم من مشاكلهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”.

المصدر: هسبريس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *